التشدد وضبط الأسعار أبرز اتجاهات سوق «إعادة التأمين»

تواصلت «المال» مع خبراء تأمين و«إعادة» عقب الزلزال المدمر الذى ضرب تركيا وسوريا يوم الإثنين الماضى، نظرا لما يمكن أن تضيفه سوق إعادة التأمين للشركات

Ad

تواصلت «المال» مع خبراء تأمين و«إعادة» عقب الزلزال المدمر الذى ضرب تركيا وسوريا يوم الإثنين الماضى، نظرا لما يمكن أن تضيفه سوق إعادة التأمين للشركات فى مسألة التوسع فى قبول الكوارث الطبيعية، إلا أن السوق بدت متشددة فى «تجديدات 2023» بسبب ما شهده العالم فى السنة السابقة.

وقال الخبراء إن صناعة إعادة التأمين وصلت لنقطة تحول خلال تجديدات يناير 2023 إذ جاءت قوتها التفاوضية بشكل كبير لصالح معيدى التأمين، وكانت أهم الاتجاهات فى إعادة التأمين لعام 2023 السوق المتشددة فى فروع تأمينات الممتلكات، والتسعير المنضبط والشروط المحكمة.

وأشاروا إلى محدودية قدرة الارتداد«Retrocession Capacity » والتى أدت إلى الضغط التصاعدى على أسعار تغطيات الممتلكات، فانسحبت بعض شركات إعادة التأمين جزئيًا أو كليًا من سوق الكوارث الطبيعية للحد من تقلب الأرباح، بينما ظلت تدفقات رأس المال منخفضة فى 2022.

وأوضحوا أنه على الرغم من أن عام 2022 شهد سلسلة من الأحداث الخطرة الثانوية فى جميع أنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا وأستراليا وإعصار «إيان» بفلوريدا، مما أدى إلى مطالبات كوراث طبيعية مؤمنة بحوالى 120 مليار دولار، مما جعل عام 2022 ثالث أكثر الأعوام تكلفة، بعد 2017 و2005 بالنسبة لصناعة إعادة التأمين فيما يتعلق بالأحداث المتعلقة بالأحداث الطبيعية.

وأكد الخبراء أن شركات التأمين تعد صعوبة - بشكل متزايد - فى وضع أخطار الكوارث الطبيعية مع معيدى التأمين، مما أثار جدلا وقتها عن إمكانية التأمين على أخطار كوارث تأمينات الممتلكات خلال عملية التجديد فى يناير 2023 حيث اكتسبت سندات الكوارث أهمية على حساب برامج إعادة التأمين التقليدية فى عام 2022 لتستمر فى الاتجاه الذى بدأ فى 2019 وتمسك المستثمرون بتفضيلاتهم إذ قدمت سندات الكوارث سيولة أعلى وأداء أفضل وتعريفا أكثر وضوحا للمخاطر التى يتم تغطيتها.

وقالت أمانى الماحى؛ رئيس قطاع بشركة مصر للتأمين وخبيرة إعادة التأمين، إن تجديدات إعادة التأمين فى يناير 2023 تميزت بزيادات سعرية كبيرة فى جميع فروع تأمينات الممتلكات وشروط أكثر صرامة، وهى بمثابة إعادة توجيه للسوق بتأمينات الممتلكات، وشهدت شركات التأمين احتفاظا أعلى بشكل كبير، وحدود طاقة استيعابية منخفضة، حيث ساهم تغير المناخ ومعدلات التضخم المرتفعة لأعمال الإصلاح وقطع الغيار وارتفاع القيم والثروة المؤمن عليها، فى زيادة حادة فى تضخم المطالبات.

وأضافت أنه بطبيعة نشاط إعادة التأمين يعتمد على علاقات العميل، والمناطق الجغرافية، وسجلات الخسائر، حيث تسعى شركات إعادة التأمين إلى زيادة الأسعار، وتحرص برامج إعادة الهيكلة على رفع عائداتها فوق تكاليف رأس المال.

وأوضحت أن أهم الاتجاهات فى إعادة التأمين العالمى لعام 2023 هو السوق المتشددة (Hard Market) والتسعير المحكم، حيث أدى التضخم الاقتصادى عالميا، وعدم اليقين الجيوسياسى المرتفع، ومطالبات الكوارث الطبيعية المرتفعة باستمرار، والقيود المفروضة على السعة الاكتتابية، إلى زيادة حادة فى الأقساط، بتشديد للشروط الذى نادرا ما يُرى فى هذه السوق.

وذكرت أن عام 2022 بأوروبا شهد إصدار 7.5 مليار دولار من السندات الجديدة لمواجهة الكوارث، وكانت أقل بشكل ملحوظ من الرقم القياسى البالغ 12.1 مليار الصادر فى عام 2021 ومن المتوقع أن تشهد «سندات الكوارث» بعد زلزال تركيا وسوريا تدفقات عالية فى عام 2023 وتستمر فى اكتساب حصة سوقية فى مساحة رأس المال البديلة، كما ساهمت سلسلة من الأحداث الخطرة الثانوية، مثل الفيضانات فى أستراليا وعواصف البرد فى فرنسا والعاصفة الشتوية إليوت بالولايات المتحدة، بشكل كبير فى فاتورة المؤمن عليه.

وأشارت إلى أن أسعار إعادة التأمين زادت بنسبة 20 – %60 فى معظم فروع تأمين الممتلكات، والتى تأثرت بأحداث الكوارث الطبيعية فى 2021 و2022 فضلا عن البلدان التى تعرضت لخسائر الإعصار إيان، حيث تضاعفت أسعار الإعادة فى بعض الأحيان، كما أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى زيادة الأسعار بنسبة %50 أو أكثر فى الأخطار الخاصة المتأثرة، مثل المخاطر السياسية وتأمينات الطيران.

وأكدت تراجع قاعدة رأس المال المحاسبى الإجمالية لشركات إعادة التأمين بنحو %15 فى عام 2022 وأرجعته لحد كبير إلى التخفيضات فى محافظ الدخل الثابت على خلفية ارتفاع الفائدة، إذ من المحتمل أن يكون ذلك قد عزز الاكتتاب التأمينى لدى معيدى التأمين على الرغم من أن أسعار الفائدة المرتفعة لها تأثير محايد وإيجابى أيضا على رأس المال الاقتصادى والتنظيمى فى عام 2022 وظلت تدفقات رأس المال إلى حيز رأس المال البديل أقل من المستويات التى شوهدت فى عامى 2021 و2020.

وأوضحت أن العوائد المخيبة للآمال عالميا على مدى السنوات الخمس الماضية وخطر رأس المال المحاصر قد أدت إلى تدفقات خارجية فى البرامج المضمونة لصالح سندات الكوارث، ومع ذلك، من المتوقع تسارع تدفقات رأس المال فى عام 2023 مع تحسن ظروف التداول، مشيرة إلى أن تجديدات الإعادة فى يناير 2023 لفرع تأمينات الحوادث جاءت بطريقة أكثر تنظيما، حيث ظلت هوامش الاكتتاب فى الأعمال المباشرة الأساسية، وكذلك اتفاقيات تجاوز الخسائر بحالة جيدة فى عام 2022 بعد تحسن الأسعار بشكل كبير فى السنوات السابقة، وارتفعت الأسعار بحوالى %5 فى المتوسط، حيث أرادت شركات إعادة التأمين التأكد من بقاء الأسعار مناسبة فى حالة ارتفاع معدلات التضخم فى عام 2023 بسبب انتشار التضخم الاقتصادى، وانخفضت عمولات إعادة تأمين فرعى الحوادث والمسئوليات بعد أن بلغت ذروتها فى التجديدات فى منتصف عام 2022.

وشددت على ضرورة توفير هوامش الاكتتاب مجالا آمنا للتعامل مع المقدار الكبير من الخسائر غير المحققة فى محافظ معيدى التأمين، مما يسمح بتسريع معدل دوران المحافظ لمعيدى التأمين، ومن الاستفادة من عائدات إعادة الاستثمار المرتفعة بسرعة أكبر، بينما يتم استيعاب خسائر الاستثمار المحققة بعد ذلك من خلال أرباح فنية أعلى.

خضر: اتفاقيات «اللا نسبية» تحل المشكلة التى تتعرض لها كيانات «المباشر»

وقال إيهاب خضر؛ وسيط تأمين، إن عمليات إعادة التأمين تحقق التوازن، على الأقل، بالنسبة للشركة المباشرة، إن لم تحقق وفورات بين إجمالى التعويضات التى يطالبها حملة الوثائق وإجمالى الأقساط الصافية على المديين القصير والبعيد، وتحقيق هذا التوازن يتم من خلال تخفيض التباين ونتائج العمليات التأمينية إلى أقل حد ممكن.

ولفت إلى أن العلاقة بين حد الاحتفاظ و الطاقة الاستيعابية عكسية، فزيادة حجم الأقساط المحتفظ بها يتعارض مع زيادة الطاقة الاستيعابية، فإذا وصل حد الاحتفاظ بالشركة إلى %100 من العمليات التى تكتتب فيها الشركة، رغم خطورته الفنية والمالية على الشركة، سوف يسرع بالوصول إلى سقف الطاقة الاستيعابية والذى عنده لا تستطيع الشركة أن تقبل أى عمليات جديدة.

وأكد أن مبلغ التأمين أساس الاتفاق فى ظل اتفاقيات إعادة التأمين النسبية سواء فى ظل اتفاقية الحصة النسبية أو فى ظل اتفاقية الفائض، وبالتالى يتم توزيع القسط أو الخسارة بنفس نسبة التزام كل طرف، ويمكن القول فى هذا الصدد إن اتفاقيات إعادة التأمين النسبية لا تحل المشكلة التى تتعرض لها شركات التأمين المباشر والتى من أجلها عقدت الاتفاقية، حيث تضمن الاتفاقية للشركة أن تتحمل نسبة محدودة من كل خسارة أو حادث، ومع هذا تبقى المشكلة، إذ يكون متوسط الخسارة الفعلى لكل حادث مساويا لمتوسط الخسارة المتوقعة، ومع هذا تتعرض الشركة لخسائر جسيمة نتيجة حدوث انحراف كبير فى معدل تكرار الخسارة الفعلى عن المتوقع مما يؤدى إلى زيادة مجموع الخسائر التى تتحملها الشركة بل قد تتجاوز إمكاناتها، فاهتمام شركة التأمين المباشر يجب أن ينصب على عدم تجاوز مجموع الخسائر لقيمة معينة تحددها حسب عدد الوثائق المصدرة وقيمة الأقساط ومتوسط الخسارة بالإضافة إلى إجمالى حقوق المساهمين.

وأظهر أن أساس الاتفاق فى اتفاقية إعادة التأمين اللا نسبية هو قيمة الخسارة أو مجموع الخسائر، سواء فى ظل اتفاقية تجاوز الخسارة أو فى ظل اتفاقية وقف الخسارة، ويتم توزيع الخسارة حسب طبيعة الاتفاق وبشرط أن تتجاوز الخسارة حد احتفاظ الشركة المباشرة المتفق عليه، أما القسط فيتم توزيعه حسب طبيعة التوزيع الاحتمالى للخسارة أو مجموع الخسائر.

وهذا يحل المشكلة التى تتعرض لها شركات التأمين المباشر، خاصة إذا كانت الاتفاقية تتعلق بالفرع كله، وفى هذه الحالة فإن الاهتمام ينصب على التوزيع الاحتمالى لمجموع الخسائر، لأنه يعكس مجموع ما تتحمله شركة التأمين المباشر من خسائر فى نهاية العام، وبغض النظر عما إذا كان هناك انحراف فى عدد الحوادث أو فى قيمة الخسارة، حيث قد ينخفض عدد الحوادث الفعلية عن العدد المتوقع، ومع هذا يزيد مجموع الخسائر نتيجة لزيادة متوسط قيمة الخسارة الفعلية عن المتوقع والعكس صحيح، وقد تنخفض متوسط قيمة الخسارة الفعلية عن المتوقع ومع هذا يزيد مجموع الخسائر نتيجة لزيادة عدد الحوادث الفعلية عن المتوقع، والعكس صحيح.

مسعودى: الاطمئنان الذى يحصل عليه المؤمن له يولد الدافع للتوسع

وقال الدكتور عبد الكريم مسعودى؛ الأستاذ المساعد بجامعة أحمد دراية - بأدرار بالجزائر، وعضو مخبر التكامل الاقتصادى الجزائرى الأفريقى، معلقا على دور إعادة التأمين فى قدرتها على مواجهة الكوارث الطبيعية الكبرى، إن زيادة الطاقة الاستيعابية من أهم ثمرات إعادة التأمين، إذ تمثل الحد الأقصى للمبلغ الذى تستطيع شركة التأمين أو إعادة التأمين الاكتتاب فيه دون تعرض هامش ملاءتها للخطر، وتضطر شركة التأمين فى كثير من الأحيان لقبول تأمينات تفوق قيمة الحد الأقصى لطاقة الشركة الاستيعابية، ولذلك تلجأ الشركات إلى إعادة التأمين لزيادة طاقتها الاستيعابية فتقبل الأخطار الكبيرة الحجم وهى مطمئنة، استنادا إلى أن معيد التأمين سيقبل إعادة تأمين ما يزيد عن طاقتها.

ومن جهة أخرى بالنسبة للشركات، أوضح أن التوازن والاستقرار أو تفادى آثار التقلبات فى معدلات الخسائر من القواعد المميزة لإعادة التأمين، فالمؤمن له لا يعرف هل ومتى سيتعرض للخسارة، وكذلك بالنسبة للمؤمن، ولا يعلمان أيضا بكلفة الخسارة إذا تحقق الخطر، ولكن من خلال إعادة التأمين يستطيع المؤمن المباشر إرساء توازن فى تقلبات معدلات الخسائر من خلال توزيع الأخطار على مجموعة ضخمة من المجتمعات التأمينية عن طريق إعادة التأمين، حيث يستطيع المؤمن المباشر إعداد تقديرات وموازنات أفضل، لأنه استطاع تجنب تكاليف الخسائر غير المؤكدة بتحويلها لمعيد التأمين مقابل قسط إعادة التأمين.

وأضاف أن أحد إيجابيات التأمين هى حالة الاطمئنان والثقة الذى يحصل عليه المؤمن له، لهذا السبب فإن صاحب الاستثمار سيتولد لديه الدافع فى تكبير مجاله، وعلى نفس المنوال فوجود إعادة التأمين تعطى شركات التأمين الدافع والحافز للتوسع فى أعمالهم.

وذكر أن إعادة التأمين تعد أنسب الطرق إذا أرادت شركة التأمين المباشر تصفية عملياتها دون تعريض مصلحة المؤمن لهم للخطر، وبواسطة العملية تتنازل الشركة الأصلية لشركة إعادة التأمين نظير مبالغ وتعهدات تحدد بالاتفاق بينها، وتحل شركة إعادة التأمين محل الشركة الأصلية فى سداد التزاماتها للمؤمن لهم.

وأوضح أن إعادة التأمين تمثل دورا هاما فى زيادة الطاقة الاستيعابية لشركات التأمين، والعلاقة الارتباطية بينهما موجبة، فكلما ازدادت كفاءة وكفاية برنامج إعادة التأمين الذى تطبقه الشركة المباشرة، زادت طاقتها الاستيعابية.

وأشار إلى أن إعادة التأمين تمارس تأثيرها الإيجابى على الطاقة الاستيعابية فكلما زادت الحصة المسندة إلى شركة إعادة التأمين أيا تكن الاتفاقية المبرمة نسبية أو غير نسبية، فإن ذلك يقلل من حد الاحتفاظ للشركة المباشرة، ويكون لديها القدرة على التوسع فى اكتتابها، وامتصاص جزء من الطلب المتواجد فى السوق حتى تصل بطاقتها إلى درجة الاستيعاب والامتلاء، ومن هنا يتضح أن العلاقة موجبة أو طردية بين برامج إعادة التأمين والطاقة الاستيعابية، والعامل الذى يحددها؛ حد الاحتفاظ وما توفره اتفاقيات إعادة التأمين من امتداد لقدرة الشركة المباشرة فى استيعاب أكبر قدر من الأخطار المتواجدة فى السوق.

ولفت إلى أن إعادة التأمين تعتبر طريقة غير مباشرة- كأنها إضافة لرأس مال الشركة المباشرة لأن شركة إعادة التأمين تكتتب فى الأخطار طبقا للاتفاقية بما يتلاءم مع ملاءتها المالية، ومن متغيرات الملاءة المالية رأس المال، فكأن امتلاء شركة إعادة التأمين ماليا، يعتبر امتدادا للملاءة المالية للشركة المباشرة، وبالتالى تقبل الشركة من الأخطار ما تصل به إلى حد التشبع اعتمادا على ملاءتها المالية والملاءة المالية الخاصة بشركة إعادة التأمين، ويحكم تأثير إعادة التأمين على الطاقة الاستيعابية بعدة محددات، وتتمثل فى كفاءة الشركة فى انتقائها للأخطار المعروضة عليها من المستأمنين، وكفاءة برامج إعادة التأمين، وتكلفة برامج إعادة التأمين ومدى جدواها الاقتصادية، وتحقيق المنفعة لكل من الشركة المباشرة وشركة إعادة التأمين.